منذ /02-10-2011, 08:44 AM
|
#1
|
عقاري نشيط
رقم العضوية :
3715
|
تاريخ
الإنتساب :
Apr 2008
|
المشاركات :
81
|
|
معضلة التبادلية الاستثمارية بين سوق الأسهم والعقار .. أيهما نختار؟
توحي نظرة عامة إلى مؤشرات الاقتصاد العالمي والمحلي إلى حقائق مهمة عدة تساعدنا على اتخاذ قرارات استثمارية معينة حتى نهاية العام والسنة المقبلة. وأول تلك المؤشرات انخفاض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها مقتربة من الصفر، وهي ظاهرة قد تستمر إلى سنة 2013. ومؤشرات قاتمة تجاه نمو الاقتصاد العالمي ممثلة في الاقتصادين الأوروبي والأمريكي، وتبعات ذلك على الدول الناشئة التي تعتبر السوقين مصدرا مهما لصادراتهما. والتوقع بارتفاع أسعار بعض المواد الرئيسة كالحديد والنفط والمواد الغذائية. وانخفاض عوائد أرباح الشركات. ومؤشرات سياسية أخرى تبطئ من تدفقات الاستثمارات، حيث إن استقرار دول الشرق الأوسط سيستمر وسيسهم في إبطاء التدفقات الاستثمارية للمنطقة لأجل غير مسمى، ويحفز على بقاء السيولة محلية لأطول فترة ممكنة. وإذا أضيف إلى ذلك استمرار الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات وما تتركه من أضرار فادحة وغير متوقعة، فإننا أمام صورة صعبة للغاية للبيئة الاستثمارية، ما يجعل من اتخاذ قرار استثماري خلال العامين الحالي والمقبل غاية في الصعوبة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن استثمار السيولة العالية في الاقتصاد المحلي؟ وكيف يمكن للأفراد استثمار مدخراتهم؟ وهل من بدائل متوافرة داخليا لاستثمارات آمنة؟ والإجابة في أذهان البعض تذهب مباشرة إلى محدودية الاستثمار أمامهم المتمثلة في سوق الأسهم وسوق العقار. المتابع لسوق الأسهم يلاحظ أن هناك مخاطر عالية وصورة ضبابية عطفا على العوامل التي تحدثنا عنها أعلاه. ناهيك عن أن المخاطر التي تشهدها أسواق الأسهم لا تبرر العائد المنخفض، ما أسهم بشكل كبير في تشجيع اتجاه السيولة إلى السوق العقارية. على الرغم من أن السوق العقارية تفتقد التنظيم وتسودها العشوائية، إلا أنها استقطبت أموالا كبيرة من صغار المستثمرين وكبارهم. وهذا الاستقطاب يأتي عبر قنوات متعددة منها استمرار جمع الأموال بين عدد من المساهمين الكبار ومعارفهم وأقربائهم من صغار المستثمرين لشراء قطع كبيرة وتجزئتها إلى قطع صغيرة (سكنية، تجارية)، المضاربة والتدوير في أراضي المنح والبعيدة عن التطوير العمراني، تزايد الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة مثل الشقق والدبلوكسات. وتضاف إلى ذلك صناديق الاستثمار العقاري التي بدأت في استقطاب الأموال لوضوح هدفها وحمايتها التشريعية الواضحة رغم ارتفاع تكاليفها.
وتسهم العوامل الاقتصادية التي ذكرناها في بداية هذا المقال في تشجيع الاستثمار في القطاع العقاري لأنه أولا منتج داخلي لا يتأثر كثيرا بالاقتصادات العالمية (سلعة غير قابلة للتبادل التجاري)، وأن العائد من القطاع العقاري في الوقت الحالي أعلى منه في قطاع الأسهم، وأن هيكل القطاع العقاري الحالي ما زال يسهم بصورة كبيرة في ارتفاع أسعار العقار، ناهيك عن أن الإنفاق الحكومي واستمرار أسعار النفط في البقاء في مستوياتها الحالية، حيث إن التوقعات أن تحافظ أسعار النفط على متوسط 100 دولار في السنتين المقبلتين، ما يجعل من العقار خيارا مهما للمستثمرين. من أجل ذلك، حتى لا تضيع مدخرات الأفراد وعطفا على استمرار وجود مساهمات على نطاق ضيق - كما ذكرنا هنا - فإن من المهم وضع أنظمة وتشريعات للمساهمات العقارية التقليدية، وذلك لأنها ما زالت مستمرة وتمارس على أرض الواقع أولاً، ولأن المنتجات العقارية الأخرى المتمثلة في صناديق الاستثمار العقاري منتجات يصعب على الأفراد العاديين التعامل معها، مع صعوبة وصولها إلى ساكني مدن الأطراف. إذ إن تسويقها يعتمد بدرجة كبيرة على الأفراد في المدن الكبيرة.
من المقارنات أعلاه يتضح لماذا يتمتع العقار باجتذاب السيولة رغم ارتفاع أسعاره، بينما هناك إحجام كثير من صغار المتعاملين وبعض كبارهم على الاستثمار في سوق الأسهم؟ إن الحقبة الحالية في التبادلية الاستثمارية بين العقار والأسهم لمصلحة العقار، تذكرنا بالحقبة التي بدأت في 2003 وانتهت في 2006 عند انتعاش سوق الأسهم بصورة مرعبة وتراجع النشاط العقاري ودخوله في مرحلة مرضية طويلة. حينئذ صدرت أنظمة السوق المالية وساهمت - بين عدد من العوامل - في انهيار السوق المالية، وعودة المستثمرين إلى سوق العقار. إن الترقب الآن هو صدور أنظمة الرهن العقاري، التي قد تكون سببا في حدوث تأثيرات يصعب التكهن بها على سوق العقار إذا تزامن معها تحسين البيئة الاستثمارية العقارية من ناحية تنظيم المساهمات التقليدية والتراخيص. وتزامن معها أيضا إزالة الضبابية بشأن انتعاش الاقتصادات العالمية، وانتعاش أسواق الأسهم، ما قد يغير المعادلة ويشجع على عودة السيولة إلى أسواق الأسهم.
د.عبد الوهاب أبو داهش
|
|
|